وأما
لفظ الظاهر فينبغي أن يعرف أن الظاهر قد يراد به نفس اللفظ لظهوره للسمع أو لظهور معناه للقلب، وقد يراد به المعنى الذي يظهر من اللفظ للقلب، وقد يراد به الأمران، ويعلم أن الظهور والبطون من الأمور النسبية فقد يظهر لشخص أو طائفة ما لا يظهر لغيرهم؛ تارة لأسباب تقترن بالكلام أو المتكلم، وتارة لأسباب تكون عند المستمع، وتارة لأسباب أخر.
ويعلم أن ظهور المعنى من اللفظ لا يجب أن يكون لمجرد الوضع اللغوي المفرد، بل قد يكون من جهة الحقيقة اللغوية أو العرفية أو الشرعية، وقد يكون من جهة المجاز الذي اقترن باللفظ من القرائن اللفظية والحالية ما جعله هو ظاهر اللفظ عند من يسميه مجازا، وأما من يمنع تسميته مجازا إما في القرآن أو
[ ص: 455 ] مطلقا فلا يسمون ذلك مجازا.
ويعلم أن وضع اللفظ حال الإفراد قد يخالف وضعه حال التركيب، بل غالب الألفاظ كذلك، وهذه مقدمات تحتاج إلى بسط، ونحن نذكر ذلك في موضعه. وإنما المقصود هنا التنبيه على أن كثيرا من الناس يدعي أن ظاهر القرآن والأخبار شيء: إما موافق له، وإما مخالف له، ليتأوله وتكون دعواه باطلة.
فيجب الاعتناء أولا بذلك، فإنه مقام مهم ضل وزل فيه طوائف، وهم الذين ينفي أهل العلم قولهم، كما ورد في الحديث:
"يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين". [ ص: 456 ] وهؤلاء إما أنهم ضلوا معتقدين أنهم متبعون القرآن، وإما أنهم جعلوا ظاهر القرآن ضلالا لا هدى للناس.
ونذكر مقدمة مختصرة فنقول: