الوجه السادس: [أنه]
من أين في ظاهر القرآن لله ساق، وليس معه إلا قوله: يوم يكشف عن ساق [القلم: 42]، والصحابة قد تنازعوا في تفسير الآية: هل المراد به الكشف عن الشدة أو المراد به أنه يكشف الرب عن ساقه؟.
ولم يتنازع الصحابة والتابعون في ما يذكر من آيات الصفات إلا في هذه الآية بخلاف قوله:
لما خلقت بيدي [ص: 75]
ويبقى وجه ربك [الرحمن: 27]، ونحو ذلك، فإنه لم يتنازع
[ ص: 473 ] فيها الصحابة والتابعون، وذلك أنه ليس في ظاهر القرآن أن ذلك صفة لله تعالى، لأنه قال:
يوم يكشف عن ساق ولم يقل عن ساق الله، ولا قال: يكشف الرب عن ساقه، وإنما ذكر ساقا منكرة غير معرفة ولا مضافة، وهذا اللفظ بمجرده لا يدل على أنها ساق الله، والذين جعلوا ذلك من صفات الله تعالى أثبتوه بالحديث الصحيح المفسر للقرآن، وهو حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري المخرج في الصحيحين، الذي قال فيه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=711485 "فيكشف الرب عن ساقه".
وقد يقال إن ظاهر القرآن يدل على ذلك من جهة أنه أخبر أنه يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود، والسجود لا يصلح إلا لله، فعلم أنه هو الكاشف عن ساقه.
وأيضا فحمل ذلك على الشدة لا يصح؛ لأن المستعمل في الشدة أن يقال: كشف الله الشدة، أي: أزالها، كما قال:
فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون [الزخرف: 50] وقال:
فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه [الأعراف: 135]
[ ص: 474 ] وقال:
ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون [المؤمنون: 75] وإذا كان المعروف من ذلك في اللغة أنه يقال: كشف الشدة، أي: أزالها، فلفظ الآية:
يكشف عن ساق وهذا يراد به الإظهار والإبانة، كما قال:
كشفنا عنهم ، وأيضا فهناك تحدث الشدة لا يزيلها، فلا يكشف الشدة يوم القيامة، لكن هذا الظاهر ليس ظاهرا من مجرد لفظ ساق، بل بالتركيب والسياق وتدبر المعنى المقصود.