الوجه الثامن:
أن القرآن جاء صريحا في اليد بلفظ التثنية في قوله: ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ولم يقل لما خلقته
[ ص: 482 ] أيدينا كما قال هناك:
مما عملت أيدينا بل أخبر أنه خلق هو، وذكر أنه خلق بيديه، ومثل هذا اللفظ لا يحتمل [من] المجاز ما يحتمله: (ما عملت أيدينا) فإن الفعل قد يضاف إلى يد ذي اليد، والمراد الإضافة إليه كقوله:
ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد [الحج: 10] / وقال تعالى:
وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان [المائدة: 64] فأخبر عن اليهود أنهم ذكروا ذلك بصيغة الفرد، ثم قال:
بل يداه مبسوطتان فأخبر أن يديه مبسوطتان. وجاء بلفظ المفرد في مواضع كقوله:
قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير [آل عمران: 26] وقوله تبارك وتعالى:
تبارك الذي بيده الملك [الملك: 1] ولم يجئ بلفظ الجمع إلا في قوله:
مما عملت أيدينا .
فإذا ادعى المدعي أن ظاهر القرآن أن لله أيديا كثيرة بهذه الآية مع معارضة تلك الآيات المتعددة لها، أليس هذا في غاية البهتان؟ وكان إذا لم يعرف الجمع بين الآيات يكفيه أن يقول:
[ ص: 483 ] لا أعلم ظاهر القرآن، أو يدعي أنه ليس له ظاهر. أما تعيين المجمل المرجوح للظهور دون غيره فتحريف وتبديل.