قلت: والكلام على هذا من وجوه:
أحدها:
أن يقال له: الله أخبر أنه نور السموات والأرض، وليس شيء مما ذكرته نور السموات والأرض، فإن النار جملة وتفصيلا كالموجود في السرج والمصابيح وغير ذلك إنما يكون [ ص: 487 ] في بعض الأرض أو بعض ما بين السماء والأرض، فضلا عن أن تكون هذه النيران نور السموات والأرض، وكذلك ضوء الشمس والقمر ليسا نور السموات والأرض، وإن كانا موجودين في بعض السموات، ومنورين لبعض الأرض، فإنا نعلم أن نور الشمس التي هي أعظم من نور القمر ليس هو نور جميع السموات والأرض.
فإذا كانت هذه الأمور ليست نور السموات والأرض، والله قد أخبر أنه هو نور السموات والأرض لم يكن ظاهر كلامه أن الله هو هذه الأنوار حتى يجعل ظاهر كلام الله باطلا ومحالا وكفرا، وضلالا بالبهتان، وتحريف الكلم عن مواضعه، بل لو كان الخطاب: الله هو النور الذي تشهدونه في السموات والأرض أو الله هو النور الذي في السموات والأرض لكان لكلامه وجه، بل قال: هو نور السموات والأرض، فالمحرف لهذه الآية ظن أن مسمى نور السموات والأرض هي هذه الأنوار المشهودة المخلوقة من القمرين والنار، فاعتقد أن ظاهر القرآن هو هذا الباطل.