بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
قلت: كلام أحمد رحمه الله صريح في أن كونه نورا يوجب أن تضيء به الأمكنة التي لا حجاب بينه وبينها كما دل على ذلك الكتاب والسنة في قوله: وأشرقت الأرض بنور ربها [ ص: 520 ] وهؤلاء المفسرون للقرآن والأسماء الحسنى قدوتهم في تفسيره أنه (هادي) هو ما نقلوه عن ابن عباس، وهذا إنما هو مأخوذ من تفسير الوالبي علي بن أبي طلحة الذي رواه عبد الله ابن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله: الله نور السماوات والأرض يقول: الله سبحانه هادي أهل السموات والأرض، مثل هداه في قلب المؤمن كما يكاد الزيت الصافي يضيء قبل أن تمسه النار، فإذا مسته النار ازداد ضوءا على ضوئه، وكذلك يكون قلب المؤمن يعمل الهدى قبل أن يأتيه العلم فإذا أتاه العلم ازداد هدى على هدى، ونورا على نور" فكلهم على هذه الرواية يعتمد.

فإن هذا تفسير رواه الناس عن عبد الله بن صالح. وأبو بكر [ ص: 521 ] عبد العزيز نقل ذلك من تفسير محمد بن جرير إذ كان يعتمد عليه، وابن جرير يروي من هذا التفسير بالإسناد وكذلك البيهقي في تفسير الأسماء الحسنى إنما رواه من هذا الطريق وهذا التفسير هو تفسير الوالبي.

وأما ثبوت ألفاظه عن ابن عباس ففيها نظر، لأن الوالبي لم يسمعه من ابن عباس ولم يدركه، بل هو منقطع، وإنما أخذ عن أصحابه، كما أن السدي أيضا يذكر تفسيره عن ابن مسعود [ ص: 522 ] عن ابن عباس وغيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وليست تلك ألفاظهم بعينها، بل نقل هؤلاء شبيه بنقل أهل المغازي والسير، وهو مما يستشهد به، ويعتبر به، ويضم بعضه إلى بعض، فيصير حجة.

التالي السابق


الخدمات العلمية