قال: «فإن قيل: فأثبتوا له روحا؛ لأنه قد وصف روحه بذلك فقال تعالى:
ونفخت فيه من روحي [الحجر: 29] قيل: لا نثبت له ذلك؛ لأن السمع لم يرد بذلك على وجه الصفة للذات.
وقوله:
ونفخت فيه من روحي [ص: 72] المراد به أمره؛ لقيام الدليل على أن صفات ذاته لا تحل المحدثات، ويفارق هذا إثبات النفس؛ لأنه ليس في إثباتها ما يحيل صفاتها ولا يخرجها عما يستحقه».
وقال بعد ذلك:
[ ص: 456 ] «ولا يجوز إثبات روح» وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد فيما خرجه في الرد على الزنادقة في قوله تعالى:
وروح منه فقال:
«تفسير روح الله إنما معناها أنه روح بكلمة الله تعالى، خلقها الله، كما يقال: عبد الله وسماء الله وأرض الله».
قلت: أما ما ذكره من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد فإنه موافق لألفاظ النصوص، وقد قدمنا هذا وغيره من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، وكله يدل على أن نفس الله هو الله وذاته لا صفة قائمة به، وهكذا اللفظ الذي استشهد به على ذلك؛ فإن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد قال: «فقل له خلق الخلق في نفسه أو خارجا من نفسه» ثم بين أنه إن قال: «خلقهم في نفسه كفر؛ لأنه جعل الأشياء الخبيثة كالشياطين في نفس الله، وإن قال: خلقهم خارجا من نفسه ثم دخل فيهم كفر؛ حيث جعله قد دخل في الأمكنة الخبيثة التي يعلم بالفطرة الضرورية تنزيه الله تعالى عنها، وإن قال: خلقهم خارجا من
[ ص: 457 ] نفسه ثم لم يدخل فيهم رجع عن قوله كله أجمع» وهذا صريح في أن نفسه هي هو وهي ذاته لا صفة لذاته؛ لأنه لو كان المراد خلقهم في صفته أو خارجا عن صفته لم تكن القسمة حاصرة؛ إذ قد يخلقهم في المحل الذي هو فيه، وأيضا إن قال: خلقهم في نفسه كفر، وإن قال: خلقهم خارجا عن نفسه ثم دخل فيهم كان هذا أيضا كفرا حين زعم أنه دخل في كل مكان وحش قذر رديء، فهذا يبين أن الخالق هو نفسه الذي قدر أنه خلقهم خارجا عنه، ثم دخل هو فيهم، ولو أريد خلقهم خارجا عن صفة من صفاته لكان المقدر دخول تلك الصفة فيهم بعد ذلك لا دخوله هو. وكذلك قوله: «وإن قال: خلقهم خارجا عن نفسه، ثم لم يدخل فيهم رجع عن قوله كله أجمع وهو قول أهل السنة» أي أن العالم مباين لذات الله تعالى، وقد مر تقرير كلام أحمد في موضعه، وأن حجته هذه النظرية من أحسن الحجج المعلومة ببديهة العقل.