[ ص: 486 ] فصل
قال المؤسس: الفصل الرابع: في
لفظ «الصمد».
قال الله تعالى: الله الصمد [سورة الإخلاص آية: 2] وذكر بعضهم في تفسير الصمد أنه الجسم الذي لا جوف له، ومنه قول من يقول لسداد القارورة: الصماد، وشيء مصمد، أي: صلب، ليس فيه رخاوة.
قال
ابن قتيبة: وعلى هذا التفسير الدال مبدلة من التاء، وقال بعضهم: الصمد هو الأملس من الحجر الذي
[ ص: 487 ] لا يقبل الغبار، ولا يدخل فيه شيء، ولا يخرج منه شيء.
قال: واحتج قوم من جهال المشبهة بهذه الآية في إثبات أنه تعالى جسم، وهذا باطل؛ لأنا بينا أن كونه أحدا ينافي كونه جسما، فمقدمة هذه الآية دالة على أنه لا يمكن أن يكون المراد من الصمد هذا المعنى، ولأن الصمد بهذا التفسير صفة الأجسام الغليظة، وتعالى الله عن ذلك.
قال: والجواب عنه من وجهين:
الأول: أن الصمد فعل بمعنى مفعول، من صمد إليه، أي: قصد، والمعنى أنه المصمود إليه في الحوائج.
قال الشاعر:
ألا بكر الناعي بخيري بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
[ ص: 488 ] والذي يدل على صحة هذا الوجه ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال:
لما نزلت هذه الآية قالوا: ما الصمد؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «السيد الذي يصمد إليه في الحوائج» قال
أبو الليث: يقال: صمدت صمد هذا الأمر، أي: قصدت قصده.
الوجه الثاني من الجواب: أنا سلمنا أن الصمد في
[ ص: 489 ] أصل اللغة المصمت الذي لا يدخل فيه شيء، ولا ينفصل عنه شيء، إلا أنا نقول: قد دللنا على أنه لا يمكن ثبوت هذا المعنى في حق الله تعالى، فوجب حمل هذا اللفظ على مجازه؛ وذلك لأن الجسم الذي يكون هذا شأنه مبرأ عن الانفصال والتباين والتأثر عن الغير، وهو سبحانه وتعالى واجب الوجود لذاته، وذلك يقتضي أن يكون تعالى غير قابل للزيادة والنقصان، فكان المراد من الصمد في حقه تعالى هو هذا المعنى، وبالله التوفيق.