الوجه الرابع عشر:
قوله: "إن الرجل إذا حضر عند ملك ولقيه دخل هناك تحت قهره وحكمه دخولا لا حيلة له في [ ص: 60 ] دفعه، فكان اللقاء سببا لظهور قدرة الملك عليه على هذا الوجه".
يقال له: من المعلوم أن من عادة الملوك إذا أرادوا تعذيب إنسان وشدة عقوبته، فإنهم يبعدونه عن حضوره عندهم أكثر مما يحضرون من يكون كذلك، وأن الذين يريدون الإحسان إليهم يقربونهم إلى حضرتهم أكثر مما يبعدونهم، هذا أمر معلوم باستقراء العادات، وأن اقتران الكرامة بالتقريب إلى الحضرة أكثر من اقتراب الناس، فكيف يجعل لفظ اللقاء دالا على قهر الملوك دون إحسانهم الذي يقترن بلقائهم.