والكلام على هذا أن يقال: أما الخبر الأول فهو في الصحيحين من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما الثاني فهو أيضا من أشهر الأحاديث الصحاح، أخرجه في الصحيحين عن
صفوان بن محرز المازني، قال: بينما
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يطوف، إذ عرض له رجل، فقال: يا
أبا [ ص: 167 ] عبد الرحمن، أو يا
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، nindex.php?page=hadith&LINKID=104403كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى؟ فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يدنو المؤمن من ربه حتى يضع كنفه عليه، فيقرره بذنوبه، تعرف ذنب كذا؟ فيقول: أعرف ربي، أعرف ربي، مرتين. فيقول: سترتها في الدنيا، وأغفرها لك اليوم، ثم يعطى صحيفة حسناته، وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم [هود: 18]. -وفي لفظ- إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره، فيقول: أتعرف ذنب كذا وتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب، حتى إذا قرره، ورأى في نفسه أنه هلك، قال: سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته، وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين [هود: 18]. ولفظ الحديث بالنون.
وأما ما ذكره في رواية بعضهم كتفه، فهذا تصحيف باتفاق أهل العلم كما ذكره.
ومثل هذا لا يحتاج إلى تفسير، فأما إذا علم أن اللفظ كذب
[ ص: 168 ] على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز أن يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=36214«من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين». [ ص: 169 ]
ولا يجوز تفسير ما علم أنه كذب بتقدير ثبوته، ولا سيما في مثل هذا الباب، فإنه جعل للكذب معنى صحيحا، وهذا التقدير منتف، فيكون المعلق عليه منتفيا، وهو إثبات معنى صحيح له.
وقد بينا فيما تقدم أن التأويل بيان مراد المتكلم، ليس هو بيان ما يحتمله اللفظ في اللغة، وإذا كان كذلك فمن الممتنع أن يقال: أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ كذا، مع العلم بأنه لم يقل ذلك اللفظ، فإن إثبات إرادته مع العلم بانتفائها جمع بين النقيضين، وسواء احتمل ذلك في اللغة أو لم يحتمله فإن هذا لا يوجب إرادة النبي صلى الله عليه وسلم للمعنى بلفظ قد علمنا أنه لم يقله، ولكن العلم بالموضوع المختلق، وبالصحيح الثابت، هو من بيان أهل العلم بالحديث والسنة، وأما هذا المؤسس وأمثاله فلا يميزون بين هذين، حتى قد يكذبوا بالأحاديث التي يعلم أهل العلم أنها صدق، ويصدقوا أو يجوزوا صدق الأحاديث التي يعلم أنها كذب.