وطائفة ظنت قوله تعالى: وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم [الطور: 44]. هو شخص من الغلاة زعم أنه
[ ص: 368 ] ينزل من السماء.
وآخرون ظنوا أن قوله تعالى:
وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم [النمل: 82]. أن الدابة اسم لعالم ينطق بالحكمة، وادعى ذلك غير واحد، وطائفة ظنوا أن موسى والسحرة صدقوا فرعون في قوله:
أنا ربكم الأعلى [النازعات: 24]. وأن موسى رضي بعبادة العجل وأقرهم على ذلك، وأنكر على هارون كونه أنكر عليهم.
وقالوا: إن قوله تعالى:
مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا [ ص: 369 ] [نوح: 25]. أن خطاياهم خطت بهم فغرقوا في بحار العلم بالله، وأن أهل النار لا يتألمون في النار، بل العذاب مشتق من العذوبة، فيجدونه عذبا، وإن عادا لما جاءتهم الريح التي فيها العذاب أحسنوا ظنهم، فكان فيها روحهم، وفيها ما يستعذبونه.
وأن قوله تعالى:
إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون [البقرة: 6]. المراد به خواص أولياء الله الذين أسروا علم الحقيقة، فسواء عليهم أأنذرتهم بالشريعة أم لم تنذرهم لا يؤمنون بها، لأنهم قد عرفوا الحقيقة، فلم يقبلوا ما يخالفها، وهذه التفاسير وأعظم منها موجودة في كتب يعظم مصنفوها، ويجعلون أفضل من الأنبياء، ويجعلون معرفة هذه
التأويلات للقرآن هي من خواص علم أولياء الله تعالى.
ومعلوم أن الآيات التي اشتبهت عليهم قد أحكمها الله غاية الإحكام، وبين مراده الذي عرفه الخاص والعام، قال تعالى:
فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور [الحج: 46]. وقال:
[ ص: 370 ] أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون [الجاثية: 23]. وقال:
ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله [الأنعام: 111].