الوجه الخامس: قوله: "إن اللفظ إذا احتمل معنيين كان بالنسبة إلى كل منهما مجملا، وبالنسبة إليهما مشتركا، وحصر
[ ص: 393 ] الألفاظ في النص والظاهر والمجمل والمؤول"، فيقال له:
المجمل قد لا يكون مشتركا بين معنيين، بل يكون عديم الدلالة على أحدهما لقوله تعالى:
وآتوا حقه يوم حصاده [الأنعام: 141]. وقوله تعالى:
خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها [التوبة: 103]. وقوله تعالى:
اركعوا واسجدوا [الحج: 77]. وقوله تعالى:
وليطوفوا بالبيت العتيق [الحج 29]. وقوله تعالى:
ففدية من صيام أو صدقة أو نسك [البقرة: 196]. فإن لفظ السجود ليس مشتركا بين واحدة وبين ثنتين وثلاث وأربع، ولا لفظ الطواف مشتركا بين أعداد معينة، ولا لفظ الفدية مشتركا في الصيام بين أيام معينة، بل هذه الألفاظ لا تدل بمجردها على شيء معين من المقادير فهي مجملة، فلما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن السجود سجدتان، والطواف سبع، والفدية من الصيام صيام ثلاثة أيام ... ونحو ذلك، كان هذا تفسيرا لمجمل القرآن باتفاق العقلاء، مع أن المجمل ليس بمشترك.