الوجه السادس:
قوله: "إما أن يكون احتماله لأحدهما راجحا على الآخر، وإما أن لا يكون، بل هو يحتملهما على السوية". [ ص: 394 ]
فيقال له: هذا التساوي والترجيح متى يكون؟ إما أن يكون في الوضع، وإما أن يكون في الاستعمال، فأما كونه في الوضع فلو كان حقا لم يقترن به شيء، إذ المقصود دلالة اللفظ على المعنى، وهذا إنما يكون باستعماله فيه، لا بمجرد وضع متقدم، فكيف وتقدير وضع غير الاستعمال مما لم يقم عليه دليل؟
وأيضا فالوضع لكل منهما إما أن يكون مع التجريد، وإما أن يكون مع التقييد، والأول ممتنع إلا من واضعين، وحينئذ فالمخاطب إن كان قد عرف منه أنه لا يتكلم إلا بوضعه الذي هو لغته وعادته، فإنه لا يحتمل إلا ذلك المعنى، وإن كان يتكلم بهذا تارة وبهذا تارة، صار من القسم الثاني، وهو أنه لا يكون موضعا لأحدهما إلا مع التقييد المعين له، ومع التقييد لا يدل على غيره، فلم يبق للفظ المستعمل حال
[ ص: 395 ] يحتمل فيها معنيين على السواء.