الوجه الحادي عشر:
أن من الناس من يقول: مسائل الأصول لا يجوز التمسك فيها إلا بأدلة يقينية لا ظنية، هذا على وجهين فإن كان مما أمرنا فيها باليقين؛ كاليقين بالوحدانية، والإيمان بالرسول، والإيمان باليوم الآخر، مما أمرنا فيه باليقين، لم يمكن إثباتها إلا بأدلة يقينية، وأما ما لا يجب علينا فيه
[ ص: 455 ] اليقين؛ كتفاصيل الثواب والعقاب، ومعاني بعض الأسماء والصفات، فهذه إذا لم يكن فيها دليل قطعي يدل على أحد الطرفين، كان القول مما يترجح من الأدلة أن هذا هو الظاهر الراجح قولا عدلا مستقيما، بل كان خيرا من الجهل المحض، وأيضا فمن الناس من لا يقدر على العلم في جميع ما يتنازع فيه الناس، وفي دقيق المسائل، فإذا تكلم بحسب طاقته واجتهاده، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها.