وما ذكره
الرازي من أنه "موقوف على عشر مقدمات ظنية، والموقوف على الظن أولى أن يكون ظنيا، وهو نقل اللغة والنحو والتصريف، وعلى عدم المجاز والنقل والاشتراك والإضمار والتخصيص وعدم المعارض العقلي والسمعي" دعوى باطلة من وجوه:
أحدها: أن العلم بمراد المتكلم من عادته وحاله وداعيته وقصده أمر معلوم عنده بالاضطرار، كما يعلم قصده بالأفعال الاختيارية مثل أكله وشربه ولباسه وركوبه وغير ذلك من أفعاله، فكما أنه إذا أكل وشرب -وإن كان الأكل والشرب يحصل باختياره- فإنه يعلم أنه أكل وشرب ليشبع، وأنه يشبع بالأكل والشرب، وإن كان قد يقع أحيانا خلاف ذلك.
وكذلك يعلم دلالة أصواته الدالة بالطبع، وإن كانت باختياره وبغير اختياره، مثل النفخ والنحنحة والعطاس
[ ص: 471 ] والقهقهة وغير ذلك، فكيف بأحواله الدالة بقصده واختياره؟ التي قد علم من حاله أنه يقصد به الإفهام والبيان. فالعلم بمراده بهذه أظهر وأقوى.
وإذا جوز أن يكون أراد غير ما دل على إرادته، فإن تلك الأفعال والأحوال قد يقصد بها غير ما يدل عليه في العادة، فقد يبكي الرجل محالا حتى يظهر حزنه، وهو كاذب، كما جاء إخوة يوسف أباهم عشاء يبكون
وجاءوا على قميصه بدم كذب [يوسف: 18].