والوجه الخامس: قوله: "ثم يجب تفويض معناها إلى الرب تعالى، لا يجوز تأويلها" فيقال:
السلف فوضوا إلى الرب علم كيفيتها، كما قال مالك وربيعة: "الاستواء معلوم والكيف مجهول" وكذلك قال ابن
nindex.php?page=showalam&ids=15136الماجشون nindex.php?page=showalam&ids=12251والإمام أحمد بن حنبل .. وغيرهم.
وأما فهم معناها وتفسيرها فلم يكن السلف ينكرونه، ولا كانوا ينكرون التأويل بهذا المعنى، وإنما أنكروا تأويلات أهل التعطيل التي هي تحريف الكلم عن مواضعه، فكانوا ينكرون على من يتأول القرآن على غير تأويله، كما صنف
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد كتابه في الرد على من تأول القرآن كقوله تعالى:
لا تدركه الأبصار [الأنعام: 103]. بمعنى أنه لا يرى
[ ص: 546 ] في الدنيا ولا في الآخرة، وأنكروا على من تأول قوله تعالى:
وهو الله في السماوات وفي الأرض [الأنعام: 3]. بمعنى أنه كان فيهما.
وأنكروا على من تأول قوله:
ليس كمثله شيء [الشورى: 11]. على نفي الصفات، فأنكروا التأويلات الباطلة مثل التأويلات التي ذكرها هذا وغيره، فلم يكن التأويل في عرفهم هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح، بل كانوا يسمون التفسير تأويلا، وما يؤول إليه اللفظ تأويلا وإن وافق ظاهره، وينكرون تفسير القرآن والأحاديث بالتفسيرات الباطلة، وهو التأويلات الباطلة.
[ ص: 547 ]