(اعلم أن
معظم الكلام في المعاد إنما يكون مع الفلاسفة ولهم أصول يفرعون شبههم عليها، فيجب علينا إيراد تلك الأصول أولا، ثم الخوض بعدها في المقصود. فلا جرم رتبنا الكلام في هذا الأصل على أقسام ثلاثة (القسم الأول ) في المقدمات، وفيه ثمان مسائل: "المسألة الأولى" في الجزء الذي لا يتجزأ: ولا شك أن الأجسام التي نشاهدها قابلة
[ ص: 247 ] للانقسامات، فالانقسامات التي يمكن حصولها فيها: إما أن تكون متناهية أو لا تكون؟ فيخرج من هذا التقسيم أقسام أربعة: "أولها": أن تكون الانقسامات حاصلة، وتكون متناهية. و "ثانيها": أن تكون حاصلة وتكون غير متناهية. و "ثالثها": ألا تكون حاصلة، ولكن ما يمكن حصوله منها يكون متناهيا. و "رابعها": أن لا تكون حاصلة، ولكن ما يمكن حصوله منها يكون غير متناه. فالأول -مذهب جمهور المتكلمين، والثاني -مذهب النظام، والثالث
[ ص: 248 ] -مذهب بعض المتأخرين، والرابع -مذهب
الفلاسفة . فنخلص من هذا أن الخلاف بيننا وبين
الفلاسفة في هذه المسألة يقع في مقامين (أحدهما ) أن الجسم مع كونه قابلا للانقسامات هل يعقل أن يكون واحدا؟ (ثانيهما ) أنه بتقدير أن يكون واحدا، هل يعقل أن يكون قابلا للانقسامات الغير متناهية؟ ).