فصل
ثم قال الرازي: (ونختم هذا الباب بما روي عن
أرسطاطاليس أنه كتب في أول كتابه في الإلهيات:
" من أراد أن يشرع في المعارف الإلهية فليستحدث لنفسه فطرة أخرى". [ ص: 457 ] قال
أبو عبد الله الرازي، وهذا الكلام موافق للوحي والنبوة؛ فإنه ذكر مراتب تكوين الجسد في قوله تعالى:
ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين [المؤمنون: 12 ] فلما آل الأمر إلى تعلق الروح بالبدن قال:
ثم أنشأناه خلقا آخر [المؤمنون: 14 ] وذلك كالتنبيه على أن كيفية تعلق الروح بالبدن ليس مثل انقلاب النطفة من حال إلى حال؛ بل هذا نوع آخر مخالف لتلك الأنواع المتقدمة؛ فلهذا السبب قال:
ثم أنشأناه خلقا آخر [المؤمنون: 14 ]، فكذلك الإنسان إذا تأمل في أحوال الأجرام السفلية والعلوية وتأمل في صفاتها فذلك له قانون، فإذا أراد أن ينتقل منها إلى معرفة الربوبية وجب أن يستحدث لنفسه فطرة أخرى ونهجا آخر وعقلا آخر بخلاف العقل الذي اهتدى به إلى معرفة الجسمانيات. وهذا آخر الكلام في هذه المقدمة ).
قلت: والكلام على هذا من وجوه:
[ ص: 458 ] أحدها- أن هذا الكلام هو وما ذكره من الحجة له أشبه بكلام أهل الجهل والضلالة، ومن لا يدري ما يخرج منه من المقال من كلام أهل العقل والعلم والبيان، وهو أشبه بكلام جهال القصاص والمغالطين، من كلام العلماء المجادلين بالحق. وما أحسن ما قال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رحمه الله في
nindex.php?page=showalam&ids=15211بشر المريسي إمام
الجهمية قال: (كان صاحب خطب لم يكن صاحب حجج ) بل هذا الكلام دون كلام أهل الخطب والحجج.