الوجه الثاني عشر: قوله: فثبت أن دين عبادة الأصنام كالفرع على مذهب المشبهة.
يقال له
الثبوت إنما يكون بذكر حجة عقلية أو سمعية، وهب أن ما ذكره
أبو معشر إنما هو خبر عن أمم متقدمين لم يذكرهم ولم يذكر إسناده في معرفة ذلك وليس
أبو معشر ممن يحتج بنقله في الدين بإجماع أئمة الدين؛ فإنه لم يكن كافرا منافقا كان فاجرا فاسقا، وقد قال الله تعالى وتقدس:
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا [الحجرات 6]؛ فلو قدر أن هذا النقل نقله بعض أئمة التابعين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان هذا عنده خبرا مرسلا لا يثبت به حكم في فرع من الفروع، فكيف
[ ص: 83 ] والناقل له مثل
أبي معشر عن أمم متقدمة؟! فهذا خبر في غاية الانقطاع ممن لا تقبل روايته، فهل يحسن بذي عقل أو دين أن يثبت بهذا شيئا في أصل الدين.
ومن العجب العجيب أن هذا الرجل المحاد لله ولرسوله عمد إلى الأخبار المستفيضة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي توارثها عن أئمة الدين وورثة الأنبياء والمرسلين واتفق على صحتها جميع العارفين فقدح فيها قدحا يشبه قدح الزنادقة المنافقين ثم يحتج في أصل الدين بنقل
أبي معشر أحد المؤمنين بالجبت والطاغوت أئمة الشرك والضلال، ونعوذ بالله من شرورهم وأقوالهم، والله المستعان على ما يصفون، والله سبحانه وتعالى أعلم.