وكذلك قد وافق هؤلاء في تفسير الواحد بهذه المعاني الثلاثة طائفة من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وغيرهم، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي [ ص: 122 ] أبو يعلى في المعتمد كما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12605ابن الباقلاني: وأما الواحد والفرد والوتر فمعناه استحالة التجزئة والانقسام والتبعيض عليه، فقال: ونفي الشريك عنه ونفي الثاني عنه فيما لم يزل ونفي المثل عنه تعالى وعن صفاته الأزلية، فجعل في هذا الموضع اسم الواحد يعم هذه المعاني الثلاثة.
وأما في كتاب إبطال التأويلات لأخبار الصفات ففسر الواحد بما لا شريك له وجعل هذه المعاني ثلاثة أقوال، فقال: وأما وصفه بأنه واحد فمعناه الذي لا شريك له القهار يقهر كل جبار، والحد والواحد بمعنى واحد، وقيل: معناه شيء، وكل شيء واحد وكل واحد شيء، فإذا قيل للجملة إنها واحدة فإنه يقدر فيها حكم الواحد الذي ينقسم، وقيل: المراد به نفي النظير كقولهم: فلان واحد زمانه.
[ ص: 123 ] لكن كثير ممن يفسر الواحد بعدم التجزي يريد بذلك ما يعرفه الناس من معنى التجزي وهو انفصال جزء عن الآخر، كما يعنون بلفظ المنقسم انفصال قسم من قسم، وليس هذا فقط هو المعنى الذي يريده نفاة الجسم بقولهم ليس بمنقسم ولا متجزي؛ فإن هذا المعنى لا يشترطون فيه وجود هذا الانفصال ولا إمكان وجوده، وهذا الاصطلاح قول
nindex.php?page=showalam&ids=13372أبي الوفاء بن عقيل في كتاب الكفاية، باب في
نفي الولد والتجزية وهو سبحانه واحد لا يتجزأ لقوله تعالى:
لم يلد ؛ لأنه لو كان والدا لكان متجزئا؛ لأن الولد هو انفصال جزء من الوالد، قال سبحانه:
وجعلوا له من عباده جزءا [ الزخرف 15] يعني ولدا، قال لأن التجزي لا يجوز إلا على المركبات، وقد أفسدنا التركيب حيث أفسدنا كونه جسما.
قال: ونخص هذا بدلالة أخرى، فنقول: إن الإيلاد تحلل والتحلل لا يجوز إلا على ذات مستحيلة تتعاقب عليها الأزمان وتتغالب فيها الطباع، تأخذ من الأغذية حظا وتعيد منها فضلا والقديم سبحانه ذات لا يداخله شيء ولا يداخل شيئا ولا يتصل بشيء ولا ينفصل عنه شيء؛ لأنه واحد والتجزي والانقسام لا يتصور إلا على آحاد التأمت بالاجتماع فتوحدت
[ ص: 124 ] وتفككت بالانقسام فتعددت، ألا ترى أن العلل والأحكام والعقول والعلوم لما لم توصف بالتركيب لم يتسلط عليها التجزئة؟
وكذلك، قال
أبو الوفاء بن عقيل في باب
نفي التشبيه: وهو سبحانه غير مشبه بالأشياء، فليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا على صفة من صفات الموجودات، قال سبحانه:
ليس كمثله شيء [الشورى 11] معناه ليس مثله شيء والكاف زائدة، والدلالة على أنه ليس بجسم ولا مشبه للأشياء أنه لو كان جسما لكان مؤلفا؛ لأن حقيقة الجسم هو المؤتلف؛ ولهذا أدخلت عليه العرب التزايد، فيقال: هذا أجسم ويراد به أكثر، أجزأ وأكبر جثة، ولو كان مؤلفا لاحتاج إلى مؤلف كما احتاجت سائر الأجسام، ويجاز عليه ما يجوز عليها من التجزي والانقسام والتفكك والالتيام، ولو جوزنا قدم غائب مع كونه جسما لاقتبسنا من العلم بحدث هذا الجسم الحاضر حدث الغائب، ولأن المشبه للشيء ما سد مسده وقام مقامه، فلو أشبه
[ ص: 125 ] هذه الأشياء الموجودة أو شيئا منها لسد مسده وقام مقامه في القدم والإحداث والصفة والاختراع وإلى غير ذلك من صفات القديم سبحانه، ولأنه لو كان يشبهها من وجه من الوجوه لاحتاج إلى ما احتاجت إليه من الأمكنة التي يقوم بها ويتحول إليها وكذلك لوجب قدم الأمكنة لوجود قدم الكائنات، وفي ذلك إما قدم العالم أو حدث القديم، وكلاهما محال، فما أدى إليه محال.