فإن قال قائل: قد أنكرتم قول
المعتزلة والقدرية والحرورية [ ص: 311 ] والرافضة والمرجئة، فعرفونا قولكم الذي به تقولون وديانتكم التي بها تدينون، قيل له: قولنا الذي به نقول وديانتنا التي بها ندين
التمسك بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمين وبما كان يقول
[ ص: 312 ] nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولما خالف قوله مجانبون؛ لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق عند ظهور الضلال وأوضح به المنهاج وقمع به بدع المبتدعين وزيغ الزائغين وشك الشاكين؛ فرحمة الله عليه من إمام مقدم وكبير مفهم وعلى جميع أئمة المسلمين.
وجملة قولنا إنا نقر بالله سبحانه وتعالى وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله وما روى الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرد من ذلك شيئا، وأن الله عز وجل فرد أحد صمد لا إله غيره لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، وأن الجنة حق والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من
[ ص: 313 ] في القبور، وأن الله مستو على عرشه، كما قال:
الرحمن على العرش استوى [طه 5] وأن له وجها كما قال:
ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [الرحمن 27] وأن له يدين كما قال:
بل يداه مبسوطتان [المائدة 64] .
وقال سبحانه :
لما خلقت بيدي [ص 75] وأن له عينين بلا كيف، كما قال :
تجري بأعيننا [القمر 14] وأن من زعم أن اسم الله غيره كان ضالا وأن لله علما، كما قال عز وجل :
أنزله بعلمه [النساء 166] .
وقال سبحانه :
وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه [فاطر 11] ونثبت لله تعالى قدرة وقوة، كما قال :
أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة [فصلت 15]
[ ص: 314 ] ونثبت لله تعالى السمع والبصر ولا ننفي ذلك كما نفته
المعتزلة والجهمية والخوارج، ونقول: إن كلام الله غير مخلوق، وأنه لم يخلق شيئا إلا وقد قال له كن فيكون، كما قال سبحانه :
إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون [يس 82].
[ ص: 315 ] وأنه لا يكون في الأرض شيء من خير ولا شر إلا ما شاء الله وأن الأشياء تكون بمشيئة الله، وأن أحدا لا يستطيع أن يفعل شيئا قبل أن يفعله الله عز وجل ولا يستغني عن الله ولا يقدر على الخروج من علم الله، وأنه لا خالق إلا الله وأن أعمال العباد مخلوقة لله مقدرة له، كما قال سبحانه :
والله خلقكم وما تعملون [الصافات 96] وأن العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئا وهم يخلقون، كما قال سبحانه :
لا يخلقون شيئا وهم يخلقون [النحل 20]
[ ص: 316 ] وكما قال عز وجل :
أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون [الطور 35] وهذا في كتاب الله سبحانه وتعالى كثير وأن الله وفق المؤمنين لطاعته ولطف بهم ونظر لهم وأصلحهم وهداهم وأضل الكافرين ولم يهدهم ولم يلطف بهم بالإيمان كما زعم أهل الزيغ والطغيان، ولو لطف بهم وأصلحهم لكانوا صالحين ولو هداهم لكانوا مهتدين، كما قال تعالى:
من يهد الله فهو المهتدي [الأعراف 178] وأن الله سبحانه وتعالى يقدر أن يصلح الكافرين ويلطف بهم حتى يكونوا مؤمنين، ولكن أراد أن يكونوا كافرين كما علم، وأن الله خذلهم وطبع على قلوبهم، وأن الخير والشر بقضاء الله وقدره، وأنا نؤمن بقضاء الله وقدره وخيره وشره وحلوه ومره، ونعلم أن ما أصابنا
[ ص: 317 ] لم يكن ليخطئنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا وأنا لا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله وأنا نلجئ أمورنا إلى الله ونثبت الحاجة والفقر في كل وقت إليه، ونقول إن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأن من قال بخلق القرآن كان كافرا وندين بأن الله سبحانه يرى بالأبصار يوم القيامة كما يرى القمر ليلة البدر، ويراه المؤمنون كما جاءت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقول إن الكافرين إذا رآه المؤمنون عنه محجوبون، كما قال الله :
كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون [المطففين 15] وأن
موسى سأل الله الرؤية في الدنيا وأن الله تجلى للجبل فجعله دكا وأعلم بذلك
موسى [ ص: 318 ] أن لا يراه في الدنيا.