قال
الرازي: الفصل الرابع في إقامة الحجج والبراهين على
أن الله ليس بمختص بحيز ولا جهة، بمعنى أنه يشار بالحس أنه هاهنا أو هناك، ويدل
[ ص: 426 ] عليه وجوه البرهان: الأول: وذلك أنه لم يخل إما أن يكون منقسما أو غير منقسم، فإن كان منقسما كان مركبا، وقد تقدم إبطاله، وإن لم يكن منقسما كان في الصغر والحقارة كالجزء الذي لا يتجزأ، وذلك باطل باتفاق كل العقلاء.
وأيضا فإن من ينفي الجوهر الفرد يقول إن كل ما كان مشارا إليه بأنه هاهنا أو هناك فلابد وأن يتميز أحد جانبيه عن الآخر، وذلك يوجب كونه منقسما، فثبت بأن القول بأنه مشار إليه بحسب الحس يفضي إلى هذين الباطلين، فوجب أن يكون القول به باطلا.
فإن قيل: لم لا يجوز أن يقال إنه تعالى واحد منزه عن التأليف والتركيب؟ ومع كونه كذلك فإنه يكون عظيما
[ ص: 427 ] قوله العظيم يجب أن يكون مركبا منقسما، وذلك ينافي كونه أحدا، قلنا: سلمنا أن العظيم يجب أن يكون منقسما في الشاهد، فلم قلتم إنه يجب أن يكون في الغائب كذلك؟ فإن قياس الغائب على الشاهد من غير جامع باطل.