وكذلك قولهم: لا يقبل القسمة. هذا اللفظ قد يطلقه طوائف منهم ومن غيرهم، وقد لا يطلقه طوائف لما فيه من الإجمال والتناقض.
فالذي يقال على
الكرامية بإثباتهم واحدا فوق العرش لا ينقسم، أو يشار إليه ولا ينقسم، يقال على غيرهم، ففي الطوائف الأربعة من
الفقهاء كثير ممن يقول نحو ذلك، وكذلك
[ ص: 557 ] nindex.php?page=showalam&ids=13464ابن كلاب nindex.php?page=showalam&ids=13711والأشعري وأئمة أصحابه يقولون نحو ذلك، فإن كان
كل من قال إنه فوق العرش وقال إنه ليس بجسم أو أثبت له هذه الصفات التي وردت بها النصوص كالوجه واليد، وقال مع ذلك إنه ليس بجسم يرد عليه ذلك؛ فإنه يلزمه أنه يشار إليه بحسب الحس وأنه واحد لا ينقسم هذه القسمة التي زعمها.
ولهذا نجد في هذه الطوائف منازعة بعضهم لبعض في ذلك، كما يوجد في أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وكذلك يوجد في أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري من يتنازعون في ذلك؛ فنفاة الجهة منهم يقولون إن أدلتهم وأئمتهم الذين يقولون إن الله تعالى فوق العرش وإنه ليس بجسم متناقضون، وكذلك
[ ص: 558 ] نفاة الصفات الخبرية يقولون: إن مثبتيها مع نفي الجسم متناقضون، ومثبتة العلو منهم والصفات الخبرية يقولون إن نفاة ذلك منهم يتناقضون حيث أثبتوا ما هو عرض في المخلوق؛ كالعلم والقدرة والحياة، قالوا: وليس هو بعرض في حق الخالق، ولم يثبتوا ما هو جسم في حق المخلوق كاليد والوجه، ويقولون: ليس بجسم في حق الخالق. وكذلك أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد، فطائفة منهم
كابن عقيل nindex.php?page=showalam&ids=16221وصدقة بن الحسين nindex.php?page=showalam&ids=11890وأبي الفرج بن الجوزي قد يقولون: إن
ابن حامد nindex.php?page=showalam&ids=14953والقاضي أبا يعلى [ ص: 559 ] وأبا الحسن بن الزاغوني ونحوهم متناقضون؛ حيث ينفون الجسم ويثبتون هذه الصفات، وجمهورهم يقول: بل هؤلاء هم المتناقضون الذين يثبتون الشيء تارة وينفونه أخرى كما هو معروف من حالهم،
واجتماع النفي والإثبات في الشيء الواحد أعظم من اجتماعهما في لوازمه وملزوماته، فإن كان كل منهما في وقتين، فالأول أعظم. وكذلك إن كانا في وقت واحد، وأما إن كان الأول في وقتين والثاني في وقت واحد فهذا أبلغ من وجه وهذا أبلغ من وجه، ويقولون: إن أولئك متناقضون حيث يسلمون ثبوت الصفات التي هي فينا أعراض ويمنعون ثبوت الصفات التي هي فينا أجسام .