وأما المقام الثاني فهو
مقام من يسلم له أنه فوق العرش وهو متحيز وله حد ونهاية، ويطلق عليه أيضا لفظ الجهة، فإن أهل الإثبات متنازعون في إثبات لفظ الجهة، وفي ذلك نزاع بين أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وغيرهم، كما أنهم متنازعون في اسم الحد أيضا، وفي ذلك نزاع بين أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وغيرهم. فنقول: وعلى هذا التقدير فالكلام على هذا من وجوه:
الأول: أن كلام هذا وغيره في حيز هل هو أمر وجودي أو عدمي أو إضافي مضطرب متناقض؟ فإنه وإن كان قد قرر هنا أنه وجودي فقد قرر في غير هذا الموضع أنه عدمي، ويكفي نقض كلامه بكلامه؛ فإنا قد اعتمدنا هذا مرات؛ فإن هذا موجود
[ ص: 596 ] في عامة هؤلاء؛ تحقيقا لقوله تعالى:
ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا [النساء 82] بخلاف الحق الذي يصدق بعضه بعضا، فقد ذكر في البرهان الرابع بعد هذا نقيض هذا، فقال:
الوجه الرابع: فيه أنا نعلم بالضرورة أن
الأحياز بأسرها متساوية؛ لأنها فراغ محض وخلاء صرف، وإذا كانت بأسرها متساوية، فيكون حكمها واحدا، وذلك يمنع من القول بأنه تعالى واجب الاختصاص ببعض الأحياز على التعيين.
وقال: فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون اختصاصه بجهة فوق أولى؟ قلنا: هذا باطل لوجهين: أحدهما أن قبل خلق العالم ما كان إلا الخلاء
[ ص: 597 ] الصرف والعدم المحض، فلم يكن هناك فوق ولا تحت. الثاني: أنه لو كان الفوق متميزا عن التحت بالتميز الذاتي لكانت أمورا موجودة قابلة للانقسام؛ وذلك يقتضي قدم الجسم؛ لأنه لا معنى للجسم إلا ذلك.
فهذا تصريح بأنها مختلفة في الحقائق، وأنها خلاء صرف وفراغ محض، وهذا يناقض ما ذكره هنا، ومن لم يكن لسانه وراء قلبه كان كلامه كثير التقلب والتناقض.
وذكر في نهايته في مسألة حدوث العالم لما ذكر نزاع المنازع في أن الكون والحصول في الحيز أمر زائد على ذات الجسم، وذكر أسئلتهم على دليله.