الوجه السادس: أن يقال هب أن وراء العالم ست جهات، وقالوا: يجب اختصاصه بالعلو دون غيره، كما أنه يجب أن يكون فوقنا، فالاختصاص في الأمور النسبية والإضافية قد يكون لمعنى فيه وفي العالم أو لمعنى فيه لا في العالم أو في العالم لا فيه، لا لمعنى في أمر وجودي غيرهما.
وقوله: يمتنع أن يكون في سائر الجهات والأحياز، المعنى فيه سبحانه وهو أنه العلي الأعلى وهو الظاهر الذي لا يكون فوقه شيء، فالحاصل أن
وجوب علوه هو لمعنى فيه سبحانه يستحق به أن يكون هو الأعلى الظاهر الذي لا يكون فوقه شيء فلا يجوز أن يكون في جهة تنافي علوه وظهوره؛ وذلك لا يوجب أن تكون الجهة وجودية؛ لأن العلو والظهور نسبة بينه وبين الخلق، فإذا قيل: يجب أن يكون فوقهم وأن يكون عاليا
[ ص: 616 ] عليهم، ولا يجوز غير ذلك لم يكن فيما يقتضي أن يسبق ذلك ثبوت محل وجودي له بحيث لو فرض أن وراء العالم ست جهات، وأن العالم كالإنسان الذي له ست جهات، لكان إذا قيل يجب أن يكون الله فوقه ولا يكون عن يمينه ولا عن يساره إنما هو إيجاب لنسبة خاصة وإضافة خاصة له إلى العالم، لا يقتضي ذلك أن يكون هناك أمور وجودية فضلا عن أن تكون مختلفة الحقائق .