وقوله في الوجه الخامس: المختص بحيز معين يكون كالمربوط المفلوج. يقال له: هذا إنما يقال إذا كان في حيز وجودي منفصل عنه، أما ما هو داخل في مسمى نفسه وهو حده ونهايته، فلا يلزم ذلك فيه، كما لا يلزم في سائر المتحيزات، وهذا ظاهر. بل عدم هذا يستلزم العدم في سائر المتحيزات، وهذا ظاهر، بل عدم هذا يستلزم عدم بعض الشيء .
الوجه الثاني: أن يقال إذا أراد القائل بأنه متحيز وأراد بالحيز
[ ص: 801 ] أمرا موجودا منفصلا عنه؛ كالغمام والعرش، فإنه قد يقول: حصوله فيه على سبيل الجواز، وبذلك يظهر الجواب عن قوله: ذلك الاختصاص لا يكون إلا بجعل جاعل هو الفاعل المتقدم على التخصيص، فيلزم أن لا يكون ذات الله في الحيز أزليا، فإن هذا يسلم على هذا التقدير بأن حصول ذاته فوق العرش ليس أزليا، بل
كان الله قبل أن يكون مستويا على العرش، سواء قيل أن الاستواء أمر نسبي إضافي أو قيل إنه من صفات الأفعال وأنه استوى على العرش بعد أن لم يكن مستويا عليه، فعلى التقديرين إنما
حصل الاستواء بخلقه للعرش، وخلقه للعرش بمشيئته واختياره.