قوله: ما ترجح وجود ذلك الاختصاص إلا بجعل جاعل، وكل ما كان كذلك فالفاعل متقدم عليه،
وما تأخر عن الغير لا يكون أزليا، يقال له: التقدم في مثل هذا
[ ص: 813 ] لا يوجب أن يكون بزمان يفصل بين الفعل والفاعل، كما تقول: حركت يدي فتحرك ثوبي أو تحرك خاتمي ونحو ذلك، فحركة اليد متقدمة على حركة الخاتم والكم، ومع هذا فزمانهما واحد، فكذلك إذا كان هذا التخصيص جائزا وهو بمشيئته واختياره لم يمنع ذلك أن يكون متقدما على فعله تقدما بغير الزمان، وهذا القدر وإن كان
الفلاسفة يقولونه في تقدمه على العالم، فهؤلاء لم يقولوه في ذلك بل قالوه في تقدمه على هذا الفعل القائم بنفسه
والتحيز المعين، وهم يقولون ذلك في سائر ما يضاف إليه من أعيان الأقوال وأعيان الأفعال القائمة بنفسه التي يمكن أن يقول ويفعل غيرها مما يكون بمشيئته واختياره، وهذا قول طوائف كثيرة من منازعيه معروف عنهم من
أهل الكلام وأهل الحديث والصوفية وغيرهم .