فيقال: هذه الحجة هي حجة على نفي كونه جسما، فكان ذكره في الفصل الأول على نفي كونه جسما أجود من ذكرها هنا؛ ولكن ذكرها هنا لتكون حجة على من قال إنه على العرش وذكر فيها قول من يقول إنه عظيم وليس بجسم، فإن النزاع في هذا مشهور لو صرح به لاحتاج إلى كلام آخر، وإذا ثبت أنه ليس على العرش أمكن أن ينفي عنه الجسم فيقول: لو كان جسما لجاز أن يكون على العرش مع أن هذا فيه نزاع بين مثبتة الجسم
[ ص: 79 ] كما تقدم ذكره، فإن
النزاع في كونه على العرش بين مثبتة الجسم وبين نفاته أيضا.
فالقائلون بأنه جسم منهم من يقول هو فوق العرش، ومنهم من يقول هو في كل مكان بذاته، أو أنه ذاهب في الجهات إلى غير غاية، وكذلك القائلون بأنه ليس بجسم منهم من يقول إنه على العرش، ومنهم من يقول في كل مكان متناه أو غير متناه، ومنهم من يقول غير داخل في العالم ولا خارجه. فالأقوال أربعة في اختصاصه بما فوق العرش: أنه فوق العرش وهو جسم، وفوق العرش وليس بجسم وإن كان الخواص من أهل السنة لا يثبتون الجسم ولا ينفونه، وأنه ليس فوق العرش وليس
[ ص: 80 ] بجسم، وأنه ليس فوق العرش وهو جسم.
وإذا ظهر ما في هذه الحجة، فالكلام فيها في المقامين المتقدمين:
أحدهما: قول من يقول: إنه فوق العرش وهو عظيم وليس بجسم، أو يقول هو جسم وليس بمنقسم ولا مركب. وقد تقدم ذكر ذلك.