الوجه التاسع: وهو
أن المعنى أنه مركب من أجزاء كبار بحيث يلزم إذا كانت مختلفة أن يكون الجزء منها ينحل إلى أجزاء لا تنقسم، وقد قلت: إما أن تكون متماثلة أو مختلفة: فيقال لك: نقدر أنها متماثلة، وهي وإن كانت متماثلة في الصفة
[ ص: 146 ] فلها قدر في نفسها ليست أجزاء منفردة إذ التقدير كذلك. وإذا كانت كذلك لم يلزم أن يكون الطرف منها وسطا، لأن الطرف يكون غير منقسم، وغير المنقسم لا يسد مسد الجزء الكبير الذي قد ينقسم، وإذا لم يكن كذلك لم يلزم جواز تباعد المتلاقيين وتلاقي المتباعدين، لتباين مقاديرهما وأشكالهما وأن الذي يقوم مقام غيره لا بد أن يكون مساويا له في الصفة والقدر جميعا لاسيما وعلى هذا التقدير، فيمكن أن يكون بعضها أكبر من بعض؛ لأنه أكثر ما يلزم أن يكون كل جزء منها يمكن انقسامه ليصح الحكم عليها بالتحليل إلى الذي لا ينقسم حتى يتوجه كلامه في القسم الثاني، وإذا لم يجب إلا ذلك لم يلزم تساويها في المقدار، وإذا لم يلزم تساويها في المقدار لم يجب أن يقوم بعضها مقام بعض، فلا يلزم جواز التفرق والانحلال. فحاصله أن هذه الأجزاء إن قدرها منقسمة جاز اختلاف مقاديرها وأحكامها، فلم يلزم قيام بعضها مقام بعض، وعلى التقديرين يبطل ما ذكره من لزوم التفرق والانحلال.