وهذا يتقرر بالوجه الحادي عشر: وهو أن يقال: هب أن الأجزاء متماثلة
فقولك: " والمثلان يصح على كل واحد منهما ما يصح على الآخر، فعلى هذا يلزم القطع بأنه يصح على المتلاقيين أن يصيرا متباعدين، وعلى المتباعدين أن يصيرا
[ ص: 148 ] متلاقيين، وذلك يقتضي جواز الاجتماع والافتراق"، وإنما يكون كذلك لو كانا بعد تغيرهما بالتباعد والتلاقي يبقى تماثلهما، وليس كذلك، بل إذا تفرق أجزاء الذات المجتمعة تغيرت الأجزاء ولم تبق بعد الافتراق كما كانت حال الاجتماع، وهذا مشهود في الأجرام المخلوقة، فإن اجتماع بعضها ببعض يوجب لها من القوة وغيرها من الصفات ما لا يوجد عند الافتراق، حتى إن من أحكامها وأحكام الذات التي هي أبعاضها ما لا يصح إلا عند الاجتماع، والتفرق يبطل ذلك وإذا كانت بالتفرق تخرج عما كانت عليه حين الاجتماع لم يلزم من تماثلها جواز تفرقها، لأن التفرق يخرجها عن المماثلة فيكون التقدير: إذا كانت متماثلة وجب أن تصير غير متماثلة.