الوجه العاشر:
قوله: «وإذا كان كذلك فكيف يستبعد في العقل أن يكون خالق المحسوسات منزها عن لواحق الحس وعلائق الخيال».
يقال له: أنت الذي جعلته متخيلا، لا حقيقة له في الخارج، حيث جعلت وجوده من جنس وجود الأمور الذهنية، التي لا توجد إلا في الذهن والخيال، وهذا قول متخيل لا حقيقة له، بمنزلة الإفك المفترى والكذب المختلق، فإن هذه الأمور كلها، لها وجود في الذهن والخيال، وليس لها حقيقة في
[ ص: 226 ] الخارج، وهذا هو التخيل المذموم، وهو أن يتخيل العبد ما ليس له حقيقة موجودة، أما تخيل الأمور الموجودة، مثل ما يراه النائم في منامه من الرؤيا المطابقة للخارج، فهذا ليس بمذموم ولا معيب، بل هو حق في بابه، وأما تخيل الأمور الموجودة المحسوسة، على ما هي عليه موجودة في الخارج، فهذا حق باطنا وظاهرا، وإنكار هذا سفسطة كإنكار المحسوسات الموجودات.