الوجه التاسع: أن يقال:
قد قلت: " لو كان علو الباري على العالم بالحيز والجهة لكان علو الجهة أكمل من علو الباري". ولم تذكر على ذلك حجة إلا قولك: " لأنه بتقدير أن تحصل ذات الله في يمين العالم أو يساره لم يكن موصوفا بالعلو على العالم، أما تلك الجهة التي في جهة العلو لا يمكن فرض وجودها خالية عن هذا العلو، فثبت أن تلك الجهة عالية عن العالم لذاتها، وثبت أن الحاصل في تلك الجهة يكون عاليا لا لذاته، لكن تبعا لكونه حاصلا في الجهة".
[ ص: 173 ] فيقال لك: أنت قد قدرت تقديرا أن الباري عن يمين العالم أو عن يساره، ولم تذكر دليلا على امتناع ذلك في الجهة، وكل واحدة من هاتين الدعوتين ممنوعة، فلا نسلم لك إمكان هذا التقدير في حق الباري ولا امتناعه في الجهة، أو لا أسلم لك مجموع إمكان هذا وامتناع هذا، بل قد يشتركان في الإمكان أو الامتناع، فهذا المنع له ثلاث موجبات: أحدها: إمكانهما جميعا. والثاني: امتناعهما جميعا. والثالث: إمكان تيامن الجهة وتياسرها وامتناع تيامن الباري وتياسره. فلم تذكر حجة تنفي واحدا من هذه الوجوه ونحن نذكر توجيه هذه الأجوبة فنقول: