الوجه الثاني عشر:
أن المسلمين الذين يجوزون عليه النزول والمجيء والإتيان والحركة قد يوافقون الأولين في أنه لا يكون إلا عاليا، حتى يقولوا: إنه ينزل إلى السماء الدنيا، ولا يخلو منه العرش ويقولون: وصفه بهذه الصفات لا ينافي علوه. فهؤلاء أيضا يوجبون له العلو، ويقولون إنه عال بذاته ويمتنع أن يكون غير عال: وإن جوزوا عليه الحركة والانتقال. وإذا كان كذلك فهؤلاء يقولون: لا نسلم إمكان خروج الله عن صفة العلو
[ ص: 179 ] بوجه من الوجوه حتى يقدر له تيامن أو تياسر يخرجه عن أن يكون موصوفا بالعلو، بل هذا ممتنع عندهم. فإذا كان كذلك كان قولهم مثل قول إخوانهم المتقدمين في توجيه المنع، فيقولون: لا نسلم أن علو الجهة يكون أكمل من علوه وأنه محتاج إليها. هذا لو كانت الجهة أمرا يمكن وصفه بالعلو بحيث يحتمل أن يكون في ذاته عاليا، وإلا فإذا لم يكن كذلك بطل أصل الكلام.