الوجه الثاني والعشرون:
قولك: " وإن لم يكن حصوله في الجهة واجبا فاختصاصه بها لا بد أن يكون لفاعل مختار، فاختصاص الباري به محدث، فهو في الأزل ما كان في الحيز، والذي يكون كذلك يستحيل أن يصير حاصلا في الحيز، وفي نسخة: محتاجا إلى الحيز".
فيقال لك: إذا كان الحيز أمرا وجوديا كالعرش والغمام كان اختصاص الله بكونه فوق العرش تابعا لخلقه العرش، وذلك حاصل بمشيئته واختياره، وهو محدث، وهو وإن لم يكن في الأزل على العرش، لكن لم قلت: " إذا لم يكن في الأزل على العرش أنه يستحيل أن يصير بعد ذلك على العرش؟". هذا لم تذكر عليه دليلا، وأما إن كان المدعي أنه يستحيل أن يصير محتاجا إلى الحيز فهذا حق لكن كونه فوق العرش لا يوجب
[ ص: 236 ] احتياجه إلى شيء، بل هو الحامل بقدرته للعرش ولكل شيء.