وأما السؤال الثاني: وهو
قوله: " كون الشيء بحيث يصدق عليه. قولنا: إما أن يكون وإما أن لا يكون: إشارة إلى كونه قابلا للانقسام إليها، وقبول القسمة حكم عدمي فلا يكون معللا". فعنه أجوبة:
[ ص: 351 ] أحدها: أن المراد بذلك أن الموجود يلزمه أحد الوصفين أي أن كل موجودين فإنه يلزم أحدهما أن يكون محايثا للآخر، أو مباينا عنه، فلزوم أحد الوصفين للوجود وقيامه به وكونه لا يفارقه هو المعني بقولهم: إما أن يكون محايثا أو يكون مباينا. وهذه القضية التي يسمونها مانعة الخلو، مع كونها مانعة الجمع.
أي أن الموجود لا يخلو عن أحد هذين الأمرين، والخلو عن الصفات أمر عدمي فنقيضه يكون وجوديا، فثبوت أحد هذين الوصفين للموجود أمر وجودي، ليس المراد بهذا التقسيم أن الموجودين ينقسمان إلى ما يكون محايثا وما يكون مباينا فإن العرضين القائمين بمحل كل منهما محايث للآخر، ليس مجانبا له، والجوهران كل منهما مجانب للآخر ليس محايثا له، فهذا ليس من باب تقسيم الكلي إلى جزئياته، وإنما هو
[ ص: 352 ] من باب التقسيم المانع من الجمع بين القسمين والخلو منهما.
وبهذا يظهر غلطه في السؤال الثالث أيضا. وإذا كان هذا التقسيم ليس هو القسمة إلى أمرين كتقسيم الكلي والكل، وإنما هو بيان لزوم لأحد القسمين، ونفي خلو المحلين عنهما جميعا، بطل قوله: هذا إشارة إلى كونه قابلا للانقسام إليهما. بل هذا إشارة إلى لزوم أحدهما.