وكذلك قال في كتاب " المقالات " لما قال: " وهذا ذكر
اختلاف الناس في الأسماء والصفات فقال: الحمد لله لذي بصرنا خطأ المخطئين وعمى العمين وحيرة المتحيرين الذين نفوا صفات الله رب العالمين، وقالوا: إنه جل ثناؤه وتقدست
[ ص: 404 ] أسماؤه لا صفات له، وأنه لا علم له، ولا قدرة له، ولا حياة له، ولا سمع له ولا بصر له، ولا عز له، ولا جلال له، ولا عظمة له، ولا كبرياء له، وكذلك قالوا في سائر صفات الله التي يوصف لنفسه". قال: وهذا قول أخذوه عن إخوانهم من المتفلسفة الذين يزعمون أن للعالم صانعا لم يزل ليس بعالم ولا قادر ولا حي ولا سميع ولا قديم، وعبروا عنه بأن قالوا: نقول: عين لم يزل.
ولم يزيدوا على ذلك غير أن هؤلاء الذين وصفنا قولهم من
المعتزلة في الصفات لم يستطيعوا أن يظهروا من ذلك ما كانت
الفلاسفة تظهره، فأظهروا معناه بنفيهم أن يكون للباري علم وقدرة وحياة وسمع وبصر، ولولا الخوف لأظهروا ما كانت
الفلاسفة تظهره من ذلك، ولأفصحوا به غير أن خوف السيف يمنعهم من إظهار ذلك". قال: " وقد أفصح بذلك رجل يعرف
بابن الأيادي كان ينتحل قولهم، فزعم أن الباري تعالى عالم قادر سميع بصير في المجاز لا في الحقيقة، ومنهم رجل يعرف
بعباد بن سليمان يزعم أن الباري تعالى عالم قادر سميع بصير
[ ص: 405 ] حكيم جليل في حقيقة القياس". قال: وقد اختلفوا فيما بينهم اختلافا تشتتت فيه أهواؤهم، واضطربت فيه أقاويلهم" ا هـ. ثم ذكر بينهم نزاعا كثيرا ليس هذا موضعه.