فهاتان الحجتان إن كانتا باطلتين فلا كلام، وإن كانتا صحيحتين فهما يدلان على أن الرؤية لا تجب عند وجود
[ ص: 470 ] الشروط الثمانية، وهو قد سلم في الجواب وجوب الرؤية عند وجود الشروط فلا تدل هاتان الحجتان على أن الرؤية لا تمتنع عند عدم بعض الشروط الثمانية، وإذا لم يذكر دليلا على عدم هذا الاشتراط أصلا بقي ما ذكره منازعوه من العلم الضروري والاستدلال بأن المرئي لا بد أن يكون مقابلا للرائي، أو لآلة الرائي سليما عن المعارض، فيجب القول بموجبه، وهذا بين واضح.
ولهذا لما كانت مناظرته
لنفاة الرؤية هذه المناظرة الضعيفة كان كلامهم فيها أرجح من كلامه، وهذه عادته يعجز عن مناظرة أهل الباطل، ويأخذ ما يحتجون به فيحتج به على أهل الحق، فلا ينصف أهل الحق ويتبعهم، ولا يرد أهل الباطل ويدفعهم، وإنما فيه جدال وحجاج لبس فيه الحق بالباطل مع هؤلاء وهؤلاء. وإذا كان الأمر كذلك لم يكن له الجواب عما اتفقت عليه
المعتزلة والكرامية كما تقدم.