الوجه الرابع عشر:
قوله: فإذا كان هذا الوجه حاصلا في إثبات كونه تعالى في الجهة كان إثبات كونه في الجهة بكونه مرئيا، ثم إثبات أن كل ما كان مرئيا فهو مختص بالجهة تطويلا من غير فائدة، ومن غير مزيد شرح وبيان".
يقال: لو قدر أن ما ذكرته من جهة القيام بالنفس صحيح لم يكن إثبات الجهة بطريق الرؤية تطويلا من غير فائدة، بل هو إثبات لها بطريق آخر غير الأولى، فإن الاستدلال على كون الشيء في الجهة بكونه قائما بنفسه غير الاستدلال على ذلك بكونه مرئيا مشهودا، وإذا كان هذان دليلين متغايرين لم يجز أن يكون ذكر أحدهما متضمنا للآخر، ولا أن يكون ذكر الآخر تطويلا. أقصى ما يقال: إن العلم بالمقدمتين التي في الدليلين يستفاد من وجه واحد وهو الضرورة أو قياس الغائب على
[ ص: 477 ] الشاهد إما مطلقا كما ذكره أو قياسا صحيحا ملخصا بالتقسيم الحاصر الجامع بين النفي والإثبات، أو بغيره كما يسلكه أهل الإثبات. وإذا كان الدليل على مقدمة في دليل كالدليل على مقدمة في دليل آخر لم يوجب أن يكون أحد الدليلين متضمنا للآخر ويكون ذكر الآخر تطويلا بلا فائدة.