ولا ريب
أن المثبتين لهذه الصفات، أربعة أصناف: صنف يثبتونها، وينفون التجسيم والتركيب، والتبعيض مطلقا، كما هي طريقة
الكلابية والأشعرية، وطائفة من
الكرامية كابن الهيصم [ ص: 270 ] وغيره، وهو قول طوائف من الحنبلية، والمالكية، والشافعية، والحنفية،
كأبي الحسن التميمي، وابنه
أبي الفضل، ورزق الله التميمي، والشريف أبي
علي بن أبي موسى، nindex.php?page=showalam&ids=14953والقاضي أبي يعلى، والشريف
أبي جعفر، nindex.php?page=showalam&ids=13372وأبي الوفاء بن عقيل، وأبي [ ص: 271 ] الحسن بن الزاغوني، -ومن لا يحصى كثرة- يصرحون بإثبات هذه الصفات، وبنفي التجسيم والتركيب والتبعيض والتجزئ والانقسام، ونحو ذلك. وأول من عرف أنه قال هذا القول هو
أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب، ثم اتبعه على ذلك خلائق لا يحصيهم إلا الله.
وصنف يثبتون هذه الصفات، ولا يتعرضون للتركيب والتجسيم، والتبعيض ونحو ذلك من الألفاظ المبتدعة، لا بنفي ولا إثبات; لكن ينزهون الله عما نزه عنه نفسه، ويقولون إنه (أحد، صمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد) ويقول من يقول منهم: مأثور عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره: أنه لا يتبعض فينفصل بعضه عن بعض. وهم متفقون على أنه لا يمكن تفريقه ولا تجزئته. بمعنى انفصال شيء منه عن شيء. وهذا القول هو الذي يؤثر عن سلف الأمة، وأئمتها، وعليه أئمة الفقهاء وأئمة الحديث، وأئمة الصوفية، وأهل الاتباع المحض من الحنبلية،
[ ص: 272 ] على هذا القول يحافظون على الألفاظ المأثورة، ولا يطلقون على الله نفيا وإثباتا إلا ما جاء به الأثر، وما كان في معناه.
وصنف ثالث: يثبتون هذه الصفات ويثبتون ما ينفيه النفاة لها، ويقولون: هو جسم لا كالأجسام، ويثبتون المعاني التي ينفيها أولئك بلفظ الجسم. وهذا قول طوائف من أهل الكلام المتقدمين والمتأخرين.
وصنف رابع: يصفونه مع كونه جسما بما يوصف به غيره من الأجسام، فهذا قول المشبهة الممثلة، وهم الذين ثبت عن الأمة تبديعهم وتضليلهم.