وهذا تصريح بأن
الأيدي إنما ترفع إلى الله نفسه، وأنه يجب أن يصح رفعها إليه حيث كان، وأنه إنما اختص رفعها بجهة العلو لأن الله هناك، إذ لو لم تجب صحة رفعها إلى جهته
[ ص: 488 ] لم يجب إذا كان في كل مكان أن يصح أن يرغب إليه إلى نحو الأرض وإلى خلفنا وأيماننا وشمائلنا، فإن ذلك إنما يلزم إذا لزم أن يشار إليه حيث كان. وهذا الذي قاله أبلغ من جواز الإشارة إليه فإنه أوجب أن يصح الإشارة والرغبة إلى غير جهة الفوق لو كان فيها، وهذه الحجة إنما تصح إذا كانت الإشارة بالأيدي إلى فوق إشارة إليه نفسه، إذ لو لم يكن كذلك لقال له منازعه: فعندك الإشارة بالدعاء ليست إليه، وإذا كان كذلك لم تكن الإشارة إليه واجبة بحال، وإنما هو لمعنى يختص بجهة فوق، غير كون الله تعالى هناك، وإن كنت موافقي على هذا يلزم إذا كان في كل مكان أن يشار في الدعاء إلى سائر الجهة كالسفل واليمين واليسار، لأن عندك الإشارة بالأيدي ليست إليه، وإنما هي لأمر يختص بالجهة العالية غير الله، وهذا من احتجاج الأولين والآخرين.