الوجه الخامس: أن
الناس مع اختلاف عقائدهم وأديانهم [ ص: 520 ] يشيرون إلى السماء عند الدعاء لله تعالى والرغبة إليه، وكلما عظمت رغبتهم واشتد إلحاحهم قوي رفعهم وإشارتهم، ولهذا لما كان دعاء الاستسقاء فيه من الرغبة والإلحاح ما ليس في غيره كان رفع النبي صلى الله عليه وسلم وإشارته فيه أعظم منه في غيره، وهذا يفعلونه إذا دعوا الله مخلصين له الدين عندما يكونون مضطرين إلى الله عند الرغبة والرهبة، مثل: ركوب البحر وغيره، وفي تلك الحال يكونون قاصدين الله قصدا قويا بل لا يقصدون غيره، ويقرنون بقصد قلوبهم وتوجهها إشارتهم بعيونهم ووجوههم وأيديهم إلى فوق، ومعلوم أن الإشارة تتبع قصد المشير وإرادته، فإذا لم يكونوا قاصدين إلا الله ولا مريدين إلا إياه لم تكن الإشارة إلا إلى ما قصدوه وسألوه، فإنه في تلك الحال لا يكون في قلوبهم إلا شيئان: المسئول والمسئول منه، ومعلوم أن الإشارة باليد وغيرها ليست إلى الشيء المسئول المطلوب من الله، ولا يخطر بقلوبهم أن هذه الإشارة إلى ذلك ولا ادعاه المنازع في ذلك في أكثر الأوقات، ولا يكون فوق فلم يبق ما تكون الإشارة إليه إلا المدعو المقصود، وإلا كانت الإشارة إلى ما لم يقصده الداعي، ولم يشعر به، وهذا ممتنع، وهذا واضح لمن تدبره.