الوجه الثالث في ذلك وهو الثاني عشر: أن يقال:
كون العرش أو السماء قبلة للدعاء لا يثبت بغير الشرع، فإن اختصاص بعض الجهات والأمكنة بأنه يستقبل دون غيرها هو أمر شرعي،
[ ص: 546 ] ولهذا افترقت أهل الملل، كما قال تعالى:
ولكل وجهة هو موليها [البقرة: 148] فلو كان الله قد جعل العرش أو السماء قبلة للدعاء كان في الشريعة ما يبين ذلك، ومعلوم أنه ليس في الكتاب والسنة، ولا شيء من الآثار عن سلف الأمة، ولا أئمتها، ولا في الآثار عن الأنبياء المتقدمين
كموسى وعيسى وغيرهما من المرسلين- صلوات الله عليهم أجمعين- أن العرش أو السماء قبلة للدعاء، فعلم أن دعوى ذلك من أعظم الفرية على الله، وأن هذا من جملة افتراء
الجهمية ونحوهم على الله وعلى رسله ودينه.