الوجه الثامن وهو السابع عشر: أن القبلة لا يجد الناس في أنفسهم معنى يطلب تعيينها، ولا فرقا بين قبلة وقبلة، ولهذا لما أمر المسلمون باستقبال
المسجد الأقصى ثم أمروا باستقبال
المسجد الحرام كان هذا جميعه عندهم سائغا لا يجد المؤمنون في أنفسهم حرجا من ذلك ولا تفريقا بينه،
فلو كان الرفع والتوجه إلى جهة السماء لكونه قبلة لكان ذلك عند الناس مؤمنهم وغير مؤمنهم منزلة التيامن والتياسر والسفل والقفا. ومن المعلوم أنهم يجدون في أنفسهم طلبا ضروريا لما فوق فهذه المعرفة والطلب الضروري الذي يجدونه بطلب العلو دون السفل يمنع أن يكون لكونه قبلة وضعية، بل ذلك يقتضي أن المطلوب المدعو هناك كما يجدونه أيضا في أنفسهم ويقرون به بألسنتهم.