كما ذكرنا أن
أول من تكلم بالجسم نفيا وإثباتا هم طوائف من الشيعة والمعتزلة، وهم من أهل الكلام، الذي كان السلف يطعنون عليهم، وهم في مثل هذا على المعتزلة أعظم إنكارا، إذ المتشيعة لم يشتهر عن السلف الإنكار عليهم، إلا فيما هو من توابع التشيع، مثل مسائل الإمامة، التي انفردوا بها عن الأمة وتوابعها، بخلاف مسائل الصفات والقدر، فإن طعنهم فيه على المعتزلة، معروف مشهور ظاهر عند الخاص والعام، وقدماء
الشيعة كانوا مخالفين
للمعتزلة في ذلك، فأما متأخروهم من عهد بني بويه، ونحوهم من أوائل المائة الرابعة ونحو
[ ص: 291 ] ذلك، فإنهم صار فيهم من يوافق
المعتزلة في توحيدهم وعدلهم،
والمعتزلة شيوخ هؤلاء، فما يوجد في كلام
ابن النعمان المفيد وصاحبيه
-أبي جعفر الطوسي، والملقب بالمرتضى- ونحوهم من كلام
المعتزلة، وصار حينئذ في
[ ص: 292 ] المعتزلة من يميل إلى نوع من التشيع، إما تسوية
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بالخليفتين، وإما تفضيله عليهما، وإما الطعن في
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان، وإن كانت
المعتزلة لم تختلف في إمامة
أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر. وقدماء
المعتزلة، كعمرو بن عبيد وذويه، كانوا منحرفين عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي، حتى كانوا يقولون: لو شهد هو وواحد من مقاتليه شهادة لم نقبلها: لأنه قد فسق أحدهما لا بعينه. فهذا الذي عليه متأخرو
الشيعة، والمعتزلة خلاف ما عليه أئمة الطائفتين وقدماؤهم.