الوجه السادس:
أن يقال: هب أن هذا معقول، وأنه ممكن إمكانا ذهنيا فما الدليل على أنه ليس بحال في محل ولا محايثا للعالم. إذا قلت: إنه ليس بخارج العالم؟ فإن المنازع لك يقول: نفي كونه محايثا للعالم إنما علم بأنه مباين للعالم بالجهة، فإذا قدر أنه غير مباين للعالم إلا بالحقيقة والزمان دون الجهة، فهذا القدر لا يمنع أن يكون حالا في العالم أو محلا له كالجوهر مع عرضه، فإن تباينهما بالحقيقة والزمان لا يمنع ذلك من تحايثهما، فلا بد لك من دليل يبين عدم محايثة العالم إذا ثبت مباينته بالجهة، وأنت لم تذكر على ذلك حجة حتى يتم ما ذكرته
[ ص: 23 ] من المباينة. فإن قلت: المنازع يسلم لي ذلك فهو إنما يسلم عدم المحايثة التي هي المباينة بالجهة، فأما نفي المحايثة من غير مباينة بالجهة فهذا عند المنازع غير معقول، ولا هو حق عنده فهو لا يسلم لك عدم المحايثة على هذا التقدير، ولم تذكر عليها حجة، فلا يكون ما ذكرته من المباينة ثابتا بحجة ولا تسليم، فلا يصح في النظر ولا المناظرة.