ويقولون: القول في سبب التخصيص بالزمان كالقول بالتخصيص بالحيز والصفات والمقادير والحركات، وغير ذلك من الأنواع التي اشتمل عليها العالم، وتارة يقولون هذا بعينه وارد في الحوادث اليومية؛ فإن حدوثها مشهود، وهذه الحجة واردة عليها، فما كان جوابا عنها؛ بل التحقيق أن هذه الحجة تبطل بنفسها، فبطل قولهم بقدم العالم فإنه يقال: الحوادث إما أن يجوز صدورها عن علة قديمة تامة، أو لا يجوز. فإن جاز
[ ص: 229 ] صدورها عن علة تامة قديمة بطلت هذه الحجة، وأمكن أن يقال: إنه حدث عن فاعل قديم، وإن قيل: لا يجوز صدورها عن علة تامة قديمة قيل: فهذه الحوادث المشهودة لا يجوز حينئذ صدورها عن علة تامة قديمة فلابد من حدوث علتها التامة.
ثم
القول في حدوث تلك العلة التامة كالقول في حدوث الحوادث؛ فإن كان حدوث حوادث لا أول لها ممتنعا بطل مذهبهم، وإن كان ممكنا جاز أن يقال حدوث العالم كان موقوفا على حوادث لا أول لها، ولا يمكنهم أن يقولوا بامتناع حلول الحوادث؛ فهم يجوزون حلول الحادث بالقديم؛ بل ليس منهم [إلا من] يجوز قيام الحادث بواجب الوجود كما جوزه كثير من أهل الكلام، وليس لهم على ذلك دليل، ثم الحجة لا تدل على قدم الأفلاك.
وبالجملة فهم مضطرون إلى إثبات محدث أحدث هذه الحوادث، وإبطالهم حدوث الأفلاك مع هذا باطل.