الوجه الثالث عشر:
أن هؤلاء الجهمية كما نفوا النقيضين جميعا؛ فإنهم يثبتون النقيضين جميعا فإنهم يقرون بأنه موجود وبأنه حي عالم قادر، ثم يقولون إنه لا علم له ولا قدرة. وهذا نفي لكونه عليما قديرا، ويقولون ليس بداخل العالم ولا خارجه، ولا مباين ولا محايث، ولا جسم ولا جوهر، ولا يشار إليه ولا يجوز أن يرى ونحو ذلك، وهذا نفي لوجوده، وهذا بيان لقولهم هو موجود، فحقيقة أقوالهم أنه موجود معدوم، قائم بنفسه ليس بقائم بنفسه، عالم ليس بعالم، قادر ليس بقادر، حي ليس بحي، فقولهم يستلزم الجمع بين النقيضين من هذا الوجه، وأحدهما إيمان والآخر كفر، فجمعوا في قولهم بين ما يستلزم الإيمان والكفر جميعا للإقرار بالصانع والإنكار له، والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، وهم يجمعون بين النقيضين من هذا الوجه، كما يرفعون النقيضين في الوجه الذي قبل هذا.