وأما ما ذكره بعض الفقهاء من حكاية العتبي عن الأعرابي الذي أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال : يا خير البرية! إن الله يقول :
ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم الآية [النساء :64] ، وإني قد جئتك . وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في
[ ص: 266 ] المنام وأمره أن يبشر الأعرابي فهذه الحكاية ونحوها مما يذكر في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر غيره من الصالحين ، فيقع مثلها لمن في إيمانه ضعف ، وهو جاهل بقدر الرسول وبما أمر به ، فإن لم يسعف مثل هذا بحاجته ، وإلا اضطرب إيمانه وعظم نفاقه ، فيكون في ذلك بمنزلة المؤلفة قلوبهم بالعطاء في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، كما قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650871«إني لأتألف رجالا لما في قلوبهم من الهلع والجزع ، وأكل رجالا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير » . مع أن أخذ ذلك المال مكروه لهم ، فهذا أيضا مثل هذه الحاجات .
وإنما
المشروع الذي وردت به سنته فهو دعاء المسلم ربه متوسلا به [في حياته] ، لا دعاؤه في مماته ومغيبه أن يفعل ، ولا دعاؤه في مماته ومغيبه أن يسأل ، كما في الحديث الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم علم رجلا أن يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=665872«اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، يا محمد! يا نبي الله! إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها لي ، اللهم فشفعه في » .
[ ص: 267 ]
وذلك أن الله تعالى يقول :
من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه [البقرة :255] ، وقال :
ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع [السجدة :4] ، ثم قال :
فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [النساء :65] . فأقسم بنفسه على نفي إيمان من لم يجمع أمرين : تحكيمه فيما شجر بينهم وأن لا يجد في نفسه حرجا ، وهذا يوجب أنه ليس في أمره ونهيه ما يوجب الحرج . . . . . امتثل ذلك . . . . . . حكمه لا بد فيه من أمر ونهي ، وإن كان فيه . . . . . . . أيضا . فلو كان المأمور به والمنهي عنه . . . . . . . ومفسدة وألما بلا لذة راجحة ، لم يكن العبد ملوما على وجود الحرج فيما هو مضرة له ومفسدة .