ولفظ «السلف » يتناول القرض والسلم ، لأن المقرض أيضا سلف القرض ، أي قدمه وعجله ، لكن هذا تبرع بالمنفعة ، وفيه حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو nindex.php?page=hadith&LINKID=663525أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا يحل سلف وبيع ، وشرطان في بيع ، ولا ربح ما لم يضمن ، ولا بيع ما ليس عندك » . ومنه الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=663609أن النبي صلى الله عليه وسلم استلف بكرا وقضى جملا رباعيا .
والذي يبيع ما ليس عنده لا يقصد إلا الربح ، وهو تاجر ، فيسلف
[ ص: 327 ] بسعر ، ثم يذهب فيشتري بأرخص منه بمثل ذلك الثمن ، فإنه قد يكون أتعب نفسه لغيره بلا فائدة . وإنما يفعل هذا من يتوكل لغيره ، فيقول : أعطني فأنا أشتري لك هذه السلعة ، فيكون أمينا . أما أنه يبيعها بثمن معين يقبضه ، ثم يذهب فيشتريها بمثل ذلك الثمن من غير فائدة في الحال ، فهذا لا يفعله عاقل .
نعم إذا كان هناك تأخير ، فقد يكون محتاجا إلى الثمن فيستسلفه ، وينتفع به مدة إلى أن تحصل تلك السلعة ، فهذا يقع في السلم المؤجل ، وهو الذي يسمى بيع المفاليس ، فإنه يكون محتاجا إلى الثمن وهو مفلس ، وليس عنده في الحال ما يبيعه ، ولكن له مال يأتي من بعده من تمر أو مغل أو غير ذلك ، فيبيعه في الذمة ، فهذا يفعله مع الحاجة ، ولا يفعله بدون الحاجة إلا أن يقصد أن يتجر بالثمن في الحال ، ويرى أنه يحصل به من الربح أكثر مما يفوت بالسلم . فإن المستسلف يبيع السلعة في الحال بدون ما يساوي نقدا ، والمسلف يرى أنه يشتري بها إلى أجل بأرخص مما يكون عند حصولها ، وإلا فلو علم أنها عند الأجل كحصول الحنطة في البيدر تباع بالسلم لم يسلم فيها ، فيذهب نفع ماله بلا فائدة ، وإذا قصد الآخر قرضه ذلك قرضا ، ولا يجعل ذلك سلما إلا إذا ظن أنه أرخص في الحال وقت الأجل .
فالسلم المؤجل في الغالب لا يكون إلا مع حاجة المستسلف إلى الثمن . وأما الحال إن كان عنده فقد يكون محتاجا إلى الثمن ، فيبيع ما عنده معينا تارة وموصوفا أخرى ، وأما إذا لم يكن عنده فإنه لا يفعله إلا
[ ص: 328 ] إذا قصد التجارة والربح ، فيبيعه بسعر ويشتري بأرخص منه ، ثم يذهب . هذا الذي قدره قد يحصل كما قدره ، وقد لا يحصل ، بل قد لا تحصل له تلك السلعة التي تسلف فيها ، وقد لا تحصل إلا بثمن أعلى مما تسلفه ، فيندم . وإن حصل بسعر أرخص من ذلك ندم المسلف إذا كان يمكنه أن يشتريه هو بذلك الرخص . فصار هذا من نوع الميسر والقمار والمخاطرة ، كبيع العبد الآبق والبعير الشارد يباع بدون ثمنه ، فإن حصل ندم البائع ، وإن لم يحصل ندم المشتري . وكذلك
بيع حبل الحبلة ،
وبيع الملاقيح والمضامين ، ونحو ذلك مما هو قد يحصل وقد لا يحصل ، وهو من جنس صاحب القمار والميسر .