والخطر خطران :
خطر التجارة : وهو أن يشتري السلعة يقصد أن يبيعها بربح ، ويتوكل على الله في ذلك ، فهذا لا بد منه للتجار ، والتاجر يتوكل على الله يطلب منه أن يأتي من يشتري السلعة ، وأن يبيعها بربح ، وإن كان قد يخسر أحيانا ، فالتجارة لا تكون إلا كذلك .
والخطر الثاني : الميسر الذي يتضمن أكل المال بالباطل ، فهذا الذي حرمه الله ورسوله ، مثل
بيع الملامسة ، والمنابذة ، وحبل الحبلة ، والملاقيح ، والمضامين ،
وبيع الثمار قبل بدو صلاحها . وفي هذا يكون أحد الرجلين قد قمر الآخر وظلمه ، وفي هذا يذم المظلوم للظالم ، بخلاف التاجر الذي اشترى السلعة ، ثم بعد هذا نقص سعرها ، فهذا من
[ ص: 329 ] الله ليس لأحد فيه حيلة ، ولا يتظلم مثل هذا من البائع ، وبيع ما ليس عنده . والمشتري لا يعلم أنه يبيعه ثم يشتري من غيره ، وأكثر الناس لو علموا لم يشتروا منه ، بل يذهبون هم فيشترون من حيث اشترى هو ، وإن قدر أن منهم من يعلم ويشتري كما لو كانت عنده ، لكونه يشتريها من مكان بعيد ، أو يشتري جملة ، ونحو ذلك مما قد يتعسر على المشتري منه ، وإنما يفعل ذلك من ظن أن هذا الربح هو الربح لو كانت عنده . فلو قدر أن السلعة رخيصة أرخص من العادة ، وأن هذا قد أربحه ما لا يصلح في مثلها ندم ، فهو يشتمل كثيرا على ندم هذا وهذا ، كما يشتمل على مثل ذلك سائر أنواع
بيع الغرر .
وليس هذه المخاطرة مخاطرة التجارة ، بل مخاطرة المستعجل بالبيع قبل القدرة على التسليم ، كبيع الثمار قبل بدو صلاحها ، وبيع حبل الحبلة ، وبيع الملاقيح ، وبيع المضامين ، وبيع العبد الآبق والبعير الشارد ، ونحو ذلك .