* وأما الطبقة الرابعة:
من ينظر إلى القدر فيما يفعله هو ويفعله [ ص: 424 ] غيره.
وهذا لو أمكن طرده لكان مذهبا يقال، وهو دون مذهب
القدرية، لكنه لا يمكن طرده، ولم يذهب إليه طائفة من بني آدم، وإنما هو في الإرادات والأعمال من جنس السفسطة في الاعتقادات والأقوال، وهو أمر يعرض لكثير من الناس، بل للإنسان في كثير من أحواله، وليس هو مذهبا يصير إليه طائفة من بني آدم.
وذلك أن الإنسان مجبول على حب ما ينفعه وبغض ما يضره، فما يمكن أن يستوي عنده جميع الحوادث المقدرة، حتى يكون الخبز والتراب عنده سواء، والبول والماء عنده سواء، ومن يعطيه ما يحتاج إليه ومن يمنعه ما يحتاجه عنده سواء؛ فإن هذا ممتنع عقلا وطبعا، كما هو مذموم عرفا وشرعا.